جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

أهمية عامل الإسم ..

موضوع في 'المجلس الاسلامي' بواسطة khalid64, يناير 3, 2008.

    • :: الأعضاء ::

    khalid64

    • المستوى: 2
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 8, 2007
    عدد المشاركات:
    135
    عدد المعجبين:
    4
    الوظيفة:
    خاص جداً
    مكان الإقامة:
    قطر
    ولا شك أن لعامل الاسم دلالة نفسية لا تخفى على المتأمل، ولعل من يزعم أنه من شيعة الأمير وأهل بيته رضي الله عنهم أن يسأل نفسه إن كان يستطيع أن يسمي أحد أبنائه باسم من اغتصب حق الأمير، وأهان زوجته وقتل إبنه وحرق بيته وحرف القرآن وأبتدع في الدين. . إلى آخر ما زعموه فيهم. والرواية الآتية تدل على أهمية عامل الاسم هذا



    روى القوم أن معاوية استعمل مروان بن الحكم على المدينة وأمره أن يفرض لشباب قريش، ففرض لهم، فقال علي بن الحسين: فأتيته، فقال: ((ما اسمك؟ فقلت: علي بن الحسين، فقال: ما اسم أخيك؟ فقلت: علي، فقال: علي وعلي؟ ما يريد أبوك أن يدع أحداً من ولده إلا سماه علياً؟ ثم فرض لي فرجعت إلى أبي فأخبرته، فقال: لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحداً منهم إلا علياً)).[141]



    وفي رواية: أن يزيد قال لـه: ((واعجباً لأبيك سمى علياً وعلياً؟ فقال: إن أبي أحب أباه، فسمى باسمه مراراً)).[142]



    روايات من طرق الشيعة في النهي عن التسمية بأسماء أعداء أهل البيت رحمهم الله



    ولا ينبغي الغفلة عن هذه الحقيقة وأهميتها في الشرع، وقد أورد القوم من طرقهم عن الأئمة عشرات الروايات في هذا الشأن، لا نرى بأسا من ذكر بعضها لما له صلة بالباب. ونبدأها بهذه الرواية التي تدل على عظم الأجر الذي يجنيه من ينحل أولاده اسماً من أسماء من له شأن. فعن ربعي بن عبد الله قال: ((قيل لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إنا نسمي بأسمائكم وأسماء آبائكم فينفعنا ذلك ؟ فقال: إي والله وهل الدين إلا الحب ؟ قال الله: " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)).[143]



    فهذه الرواية وأمثالها رد على من زعم من القوم وقد أعيتهم الحيلة في رد مسألة تسمية الأئمة بأسماء الخلفاء الراشدين، بأن مسألة التسمية من المباحات التي لا يترتب عليها حكم أو أجر.



    وعن أبي الحسن عليه السلام قال: ((أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده)9. وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة قم يا فلان بن فلان إلى نورك، وقم يا فلان بن فلان لا نور لك)).[144]



    ولا شك أن أول مراتب الاستحسان هو عدم اختيار أسماء أعداء أهل البيت. وهذا أمر مسلم به عند الشيعة حتى عقدوا في هذا أبواباً في مصنفاتهم كـباب كراهة التسمية بأسماء أعداء الأئمة عليهم السلام[145]. وذكروا فيها روايات عدة كرواية أبي جعفر عليه السلام قال: ((إن الشيطان إذا سمع مناديا ينادي باسم عدو من أعدائنا اهتز واختال)).[146]



    فراجع فيما سبق وأنظر كم ترددت في بيوتات آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسماء أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ألد أعداء أهل البيت كما يزعم القوم. وكم أفرحوا الشيطان بذلك.



    والعجيب – وهكذا يريد لنا القوم أن نعتقد - أن أئمة أهل البيت عمدوا إلى ترك الأسماء التي حثّ عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخالفوه في ذلك وأخذوا بأسماء أعدائه.



    فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ولد لي غلام، فماذا أسميه ؟ قال: بأحب الأسماء إلي: حمزة)).[147]



    فأنظر هل تجد في أسماء أولاد أمير المؤمنين وأبنه الحسين رضي الله عنهما مثلاً اسم حمزة أحب الأسماء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أم تجد أبو بكر وعمر عثمان وهم من هم في معتقد الشيعة؟



    والغريب في الأمر أن روايات القوم تدل على مخالفة أئمة أهل البيت لأوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشأن، فإضافة إلى ما مر، هناك روايات مثلا تنهى عن التكني بأبي بكر[148]، أو بأبي القاسم[149] إذا كان الإسم محمد. رغم ذلك فهناك مثلا من أبناء أمير المؤمنين رضي الله عنه من يكنى بأبي القاسم وبأبي بكر ويحملان اسم محمد.[150]



    والمسألة فيها طول. ونختم بهذه الرواية أو المعجزة التي نهى فيها الكاظم وهو لا زال في المهد عن التسمية بأسماء أعداء أهل البيت – بزعمهم - ففيها دلالة أخرى على أهمية عامل الإسم. فعن يعقوب السراج قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في المهد يساره طويلا، فجلست حتى فرغ فقمت إليه، فقال: ((أدن من مولاك فسلم، فدنوت منه فسلمت، فرد علي بكلام فصيح ثم قال لي: اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس، فإنه اسم يبغضه الله، وكانت ولدت لي ابنة فسميتها بالحميراء، فقال أبو عبد الله عليه السلام: انته إلى أمره ترشد، فغيرت اسمها)).[151]



    والحميراء هو لقب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهو تصغير حمراء.



    والروايات في الباب كثيرة حتى عقد علماء الشيعة أبوابا كثيرة في مصنفاتهم في استحباب الأسماء وكراهيتها. فراجعها إن شئت.[152]



    فضائل الصديق وعائشة رضي الله عنهما



    لاشك أن علياً وكذا أهل بيته رضي الله عنهم يعرفون قدر هؤلاء ومنزلتهم وصحبتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبلاءهم لنصرة الإسلام بما لا يخفى على العدو فضلاً عن الصديق.



    فها هو أبوجهل يقول: ((من جاء بمحمد أو دل عليه فله مائة بعير، أو جاء بابن أبي قحافة أو دل عليه فله مائة بعير)).[153]



    فجعل مكافأة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه الصديق ورفيقه في الغار رضي الله عنه سواء.



    وعلى ذكر قصة الهجرة فقد ذكروا أن الله عز وجل أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قصة ليلة المبيت: ((آمرك أن تستصحب أبا بكر فإنه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك كان في الجنة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر: أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر تطلب كما أطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه، فتحمل عني أنواع العذاب؟ قال أبو بكر: يا رسول الله، أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح ولا فرج منج، وكان في ذلك محبتك لكان ذلك أحب إليَّ من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداؤك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا جرم أن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقاً لما جرى على لسانك، جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، وبمنزلة الروح من البدن كعلي الذي هو مني كذلك)).[154]



    وعلى ذكر التشبيه بالمنزلة، فقد جاء عن الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي رضي الله عنهم قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد)).[155]



    فلا غرابة أن يشبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله عنه بنبيين من أولي العزم، وهما: إبراهيم وعيسى عليهما السلام[156].



    وعن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: ((ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشئ وقر قي نفسه)).[157]



    كيف لا يقولها في صاحب الموقف العظيم يوم حروب الردة، حيث قال: ((لا أحل عقدة عقدها رسول الله، ولا أنقصكم شيئاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأجاهدنكم، ولو منعتموني عقالاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم لجاهدتكم عليه)).[158]



    وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((أنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها – أي الخلافة-، إنه لصاحب الغار، وثاني اثنين، وإنا لنعرف له سنه، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة وهو حي)).[159]



    وعنه رضي الله عنه قال: ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جبل حراء، إذ تحرك الجبل. فقال له: قر، فليس عليك إلا نبي وصديق شهيد)).[160]



    وعن إبن عباس رضي الله عنهما قال: ((رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تاليا، وعن المنكر ناهيا، وبذنبه عارفا، ومن الله خائفا، وعن الشبهات زاجرا، وبالمعروف آمرا وبالليل قائما وبالنهار صائما، فاق أصحابه ورعا وكفافا، وسادهم زهدا وعفافا، فغضب الله على من أبغضه وطعن عليه)).[161]



    وقد تزوج علي من أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين بعد وفاته وربى ابنه محمد وكان يقول: ((هو إبني من ظهر أبي بكر))[162]



    وكان أبو بكر قد بعثها لرعاية فاطمة رضي الله عنها في مرضها، ثم غسلها وتكفينها بعد وفاتها رضي الله عنها. وفي هذا رد على من زعم أنها مرضت وتوفيت ودفنت ليلا دون علمه رضي الله عنهما لخلاف مزعوم بينهما. كيف وهو القائل رضي الله عنه مخاطباً علي وفاطمة رضي الله عنهما: ((والله ما تركت الدار والمال، والأهل والعشيرة، إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت)). وقال ((والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحبُ إليّ من أن أصل من قرابتي. وقال: ارقبوا محمدا في أهل بيته)).



    ولشدة حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لـه وتدليلاً على عظمة الموالاة بينهما صاهره وتزوج ابنته عائشة رضي الله عنها ولها من العمر ست أو سبع سنوات على خلاف في كتب التواريخ. [163]



    الصديقة المبرأة من فوق سبع سموات كما في حادثة الإفك، الغائبة الحاضرة في قلبه صلى الله عليه وآله وسلم.



    فعن علي رضي الله عنه قال: ((دخلت السوق، فابتعت لحماً بدرهم وذرة بدرهم، فأتيت بهما فاطمة، حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت: لو أتيت أبي فدعوته، فخرجت وهو مضطجع يقول: أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً، فقلت: يا رسول الله، عندنا طعام، فاتكأ علي ومضينا نحو فاطمة، فلما دخلنا قال: هلمي من طعامنا، ثم قال: اغرفي لعائشة فغرفت)).[164]



    وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه سمع رجل يسب عائشة فقال: ((اسكت مقبوحا منبوحا والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة)).[165]



    وكان أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم يعلمن شدة حبه لها رضي الله عنهن، فكن يهبن لياليهن لها كما فعلت سودة بنت زمعة بعد نزول آية التخيير[166].



    وآية التخيير هي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً. وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب: 28-29].



    ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يطلق عائشة رضي الله عنها فدل ذلك على أنها معه في الدار الآخره. فتدبر.



    وعن الصادق رحمه الله قال: ((إنما خير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمكان عائشة، فاخترن الله ورسوله، ولم يكن لهن أن يخترن غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).[167]



    وروى الصادق عن أبيه، عن علي بن الحسين رضي الله عنهم قال: ((حدثني أبي أن أبا ذر قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في مرضه الذي قبض فيه، إذ دعا بالسواك، فأرسل به إلى عائشة فقال: لتبلينه لي بريقك ففعلت، ثم أتي به فجعل يستاك به، ويقول بذلك: ريقي على ريقك)).[168]



    فلا قرابة إذن أن سمَّى بعض الأئمة رحمهم الله بناتهم بعائشة، كالكاظم[169]، والرضا[170]، والهادي[171]. رحمهم الله. فتأمل هذا أيضاً!



    الثناء المتبادل بين آل الصديق وآل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين



    وقد كانت الصديقة رضي الله عنها تحفظ قدر الأمير رضي الله عنه وتذكر فضائله ولا تكتمها رغم كل ما حصل وقيل، وهذه الروايات التي أوردها القوم من طرقهم ترد عليهم:



    فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما رأيت رجلاً كان أحب إلى رسول الله منه، وما رأيت امرأة كانت أحب إلى رسول الله من امرأته)).[172]



    وعنها رضي الله عنها قالت: ((كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبل علي بن أبي طالب، فقال: هذا سيد العرب)).[173]



    وعنها رضي الله عنها قالت: ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذكر علي عبادة)).[174]



    وعنها رضي الله عنها قالت: ((زينوا مجالسكم بذكر علي)).[175]



    وعنها رضي الله عنها قالت -وقد ذكر عندها علي بن أبي طالب-: ((كان من أكرم رجالنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).[176].



    وسئلت رضي الله عنها عنه، فقالت: ((ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا كافر)).[177] ، وفي رواية: ((ذاك من خير البرية ولا يشك فيه إلا كافر)).[178]



    وعن جميع بن عمير قال: ((قالت عمتي لعائشة وأنا أسمع لـه: أنت مسيرك إلى علي ما كان؟ قالت: دعينا منك، إنه ما كان من الرجال أحب إلى رسول الله من علي، ولا من النساء أحب إليه من فاطمة)).[179]



    وكانت تتذكر هذا المسير، فتقول رضي الله عنها: ((والله لو كان لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرون كلهم ذكر مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فثكلتهم بموت أو قتل كان أيسر علي من خروجي على علي رضي الله عنه)).[180]



    وقالت لأخيها محمد بن أبي بكر رضي الله عنه: ((الزم علي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله يقول: الحق مع علي، وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا على الحوض)).[181]



    ولما بلغها قتله رضي الله عنه للخوارج قالت رضي الله عنها: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يقتلهم خير أمتي بعدي. وفي رواية: هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة وأعظمهم عند الله تعالى يوم القيامة وسيلة. وفي أخرى: اللهم إنهم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي، وما كان بيني وبينه إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها)).[182]



    وقالت رضي الله عنها وقد سئلت: ((من كان أحب الناس إلى رسول الله؟ قالت: فاطمة، فقلت: إنما سألتك عن الرجال؟ قالت: زوجها، والله إنه كان صواماً قواماً، ولقد سالت نفس رسول الله في يده فردها إلى فيه)).[183]



    روايات عائشة في فضائل فاطمة رضي الله عنهما

    وعلى ذكر فاطمة رضي الله عنها، ففضائلها التي روتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أكثر من أن تحصى، ولا بأس من ذكر بعضها:



    منها، أنها قالت : ((قلت : يا رسول الله مالك إذا جاءت فاطمة قبّلتَها حتّى تجعل لسانك في فيها كله ،كأنّك تريد أن تلعقها عسلاً ؟! قال : نعم يا عائشة ، إنّي لمّا اُسري بي إلى السماء أدخلني جبرئيل الجنة ، فناولني منها تفّاحةً ، فأكلتها ، فصارت نطفةً في صلبي ، فلمّا نزلت واقعت خديجة ، ففاطمة من تلك النطفة ، وهي حوراء إنسيّة ، كلّما اشتقت إلى الجنة قبّلُها)).[184]



    وعنها رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه و آله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام فأنكرت ذلك عائشة ، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : يا عائشة ... فما قبّلتها قطّ إلاّ وجدت رائحة شجرة طوبى منها)).[185]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((و كانت - أي فاطمة رضي الله عنها -لا تحيض قط لأنّها خلقت من تفاحة الجنّة)).[186]



    وعنها رضي الله عنها: ((قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم: يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدمييّن ، و لا تعتلّ كما يعتللن)).[187]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((أقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي ، لا والله الّذي لا إله إلاّ هو ، ما مشيتها تخرم مشية رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم فلمّا رها قال : مرحباً بابنتي مرّتين أو ثلاث)).[188]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً و هدياً برسول الله صلى الله عليه و آله وسلم في قيامها و قعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم)).[189]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((ما رأيت قطّ أحداً أفضل من فاطمة عليها السلام غير أبيها)).[190]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((ما رأيت أحداً كان أشبهَ كلاماً و حديثاً برسول الله صلى الله عليه و آله وسلم من فاطمة رضي الله عنها)).[191]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((ما رايت أحدا من الناس كان أشبه بالنبي صلى الله عليه و آله وسلم كلاما ولا حديثا ولا جلسة من فاطمة)).[192]



    وعنها رضي الله عنها انها دخلت على رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم و هو يقبّل فاطمة ، فقالت له : ((أتحبّها يا رسول الله ؟ قال : أما والله لو علمت حبّي لها لازددت لها حبّاً ، إنّه لما عُرِج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرئيل وأقام ميكائيل ، ثم قيل لي : ادن يا محمّد . فقلت: أتقدّم وأنت بحضرتي ياجبرئيل ؟ قال : نعم ، إنّ الله عزّوجلّ فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، و فضّلك أنت خاصّة . فدنوت فصلّيت بأهل السّماء الرّابعة ، ثمّ التفتّ عن يميني فإذا أنا بابراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنّة و قد اكتنفها جماعةٌ من الملائكة ، ثمّ إنّي صرت إلى السّماء الخامسة ، ومنها إلى السّادسة فنوديت : يا محمّد نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك عليّ . فلمّا صرت إلى الحجب ، أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنّة فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحليَّ و الحلل . فقلت : حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة ؟ فقال : هذه لأخيك عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهذان الملكان يطويان له الحليّ والحلل إلى يوم القيامة . ثمّ تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزَبد وأطيب رائحةً من المسك وأحلى من العسل ، فأخذت رطبةً فأكلتها ، فتحوّلت الرطبة نطفةً في صلبي ، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراءٌ إنسيّةٌ ، فإذا اشتقت إلى الجنّة شممت رائحةَ فاطمة عليها السلام)).[193]



    وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم: ((لما جاء رسولَ الله الأجلُ ، فهبط ملك الموت ، فوقف شبه أعرابي ثمّ قال : السلامُ عليكم يا أهلَ بيت النّبوة ، و معدنَ الرسالة ، و مختلفَ الملائكة ، أدخلُ ؟ فقالت عائشة رضي الله عنها لفاطمة رضي الله عنها : أجيبي الرجلَ)).[194]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((أنّه قال علي رضي الله عنه للنّبي صلى الله عليه و آله لما جلس بينه و بين فاطمة رضي الله عنها وهما مضطجعان : أيّنا أحبُّ إليك أنا ، أو هي ؟ فقال صلى الله عليه و آله وسلم : هي أحبُّ إليَّ ، و أنت أعزُّ عليَّ منها)).[195]



    وعنها رضي الله عنها قالت في جواب من سألها عن علي رضي الله عنه : ((تسألني عن رجل و الله ما أعلم رجلاً كان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم من عليّ ، ولا في الأرض امرأة أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم من فاطمة)).[196]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((أنّ فاطمة رضي الله عنها كانت إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قام لها من مجلسه ، و قبَّلَ رأسها ، و أجلسها مجلسه ، وإذا جاء إليها لقيته ، وقبَّل كلّ واحد منهما صاحبه ، و جلسا معاً)).[197]



    وعنها رضي الله عنها أنّها قالت : ((و كانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وآله أخذ بيدها فقبَّلها ، و رحّب بها ، و أجلسها في مجلسه ، و كان إذا دخل عليها قامت إليه ، ورحّبت به ، و أخذت بيده فقبّلتها)).[198]



    وعنها رضي الله عنها: ((كان النّبي صلى الله عليه و آله وسلم إذا قَدِم من سَفَر قبَّلَ نحرَ فاطمة عليها السلام ، فقال : منها أشمُّ رائحةَ الجنّة)).



    وعنها رضي الله عنها: ((قال رسولُ الله صلى الله عليه و آله وسلم : إذا اشتقتُ إلى الجنّة قَبَّلتُ نحرَ فاطمة)).[199]



    وعنها رضي الله عنها: ((كان النّبي صلى الله عليه و آله وسلم إذا قَدم من مغازيه قبَّل فاطمة رضي الله عنها)).[200]



    وعنها رضي الله عنها: ((كان النّبي صلى الله عليه و آله وسلم كثيراً ما يقبّل عَرف فاطمة رضي الله عنها)).[201]



    وعن معاذ رضي الله عنه قال: يا عائشة كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، عند شدّة وجعه ؟ قالت رضي الله عنها: ((أمّا رسول الله فلم أقدر الثبات عنده ، و لكن دونك هذه ابنته فاطمة ، فاسألهْا فإنّهالم تزل إلى جانبه)).[202]



    وعنها رضي الله عنها: ((ما رأيت أحداً قطّ أصدق من فاطمة غير أبيها ، قال : ـ أي الراوي ـ وكان بينهما شيء فقالت: يارسول الله سلها فإنّها لا تكذب)).[203]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((كنّا نخيط ، ونغزل ، وننظم الأبرة باللّيل في ضوء وجه فاطمة رضي الله عنها)).[204]



    وعنها رضي الله عنها أنها قالت لفاطمة رضي الله عنها: ((ألا اُبشّرك ؟ إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم يقول:سيّدات نساء أهل الجنّة أربع : مريم بنت عمران ، و فاطمة بنت محمد ، و خديجة بنت خويلد ، و آسية بنت مزاحم إمراة فرعون)).[205]



    وعنها رضي الله عنها عن النّبي صلى الله عليه و آله وسلم ، أنّه قال : ((يا فاطمة أبشري فإنّ الله اصطفاك على نساء العالمين و على نساء الإسلام و هو خيرُ دين)).[206]



    وعنها رضي الله عنها أن النّبي صلى الله عليه و آله وسلم قال وهو في مرضه الّذي توفّي فيه : ((يا فاطمة ألا ترضينَ أن تكوني سيّدةَ نساء العالمين ، وسيّدةَ نساء هذه الاُمّة ، و سيّدة نساء المؤمنين)9.[207]



    وعنها وعن امّ سلمة رضي الله عنهما ، قالتا : ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم أن نجهّز فاطمة حتّى ندخلها على علي ، فعمدنا إلى البيت ، ففرشناه ترابا ليّنا من أعراض البطحاء ، ثمّ حشونا مرفقتين ليفا فنفشناه بأيدينا ، ثمّ أطعمنا تمرا و زبيبا ، و سقينا ماء عذبا ، وعمدنا إلى عود ، فعرضناه في جانب البيت ليلقى عليه الثّوب ، و يعلَّق عليه السّقاء ، فما رأينا عرسا أحسنَمن عرس فاطمة)).[208]



    وعنها رضي الله عنها قالت: ((كنت عند رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم فذكرت عليّاً ، فقال :يا عائشة لم يكن قطّ في الدّنيا أحد أحب إلى الله منه و أحب إلي منه و من زوجته فاطمة ابنتي ، ومن ولديه الحسن و الحسين عليهما السلام . يا عائشة تعلمين أيّ شيء رأيت لأبنتي فاطمة و لبعلها ؟ قالت : لا ، فاخبرْني يا رسول الله ؟ قال :يا عائشة إنّ ابنتي سيّدة نساء العالمين ، و إنّ بعلها لا يُقاس بأحد من النّاس ، و إنّ ولديه الحسن والحسين هما ريحانتاي في الدّنيا و الآخرة. يا عائشة أنا و فاطمة و الحسن و الحسين و أْبن عميّ عليٌّ في غرفة من درّة بيضاء ، أساسها من رحمة الله تعالى ، و أطرافها من عفو الله تعالى و رضوانه ، و هي تحت عرش الله تعالى ، و بين علي و بين نور الله بابٌ ينظر إلى الله وينظر الله إليه ، وذلك وقت يلجم الله النّاس بالعرق ، على رأسه تاجٌ قد أضاء نوره ما بين المشرق و المغرب ، وهو يرفل في حلّتين حمراوين . يا عائشة خلقت ذريّة محبّينا من طينة تحت العرش ، وخلٍقت ذريّة مبغضينا من طينة الخَبال وهي في جهنّم)).[209]



    وعنها رضي الله عنها: ((قال النّبي صلى الله عليه و آله وسلم : ينادي منادٍ يوم القيامة : غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطم بنت محمّد النّبي صلى الله عليه و آله وسلم)).[210]



    وعنها رضي الله عنها قالت : ((قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : إذا كان يـومُ القيامة نادى مناد : يا معاشر الخلائق طأطئوا رؤوسكم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه و آله وسلم)).[211]



    والحق أن الروايات التي ذكرها القوم من طرقهم عن الصديقة عائشة في بيان فضائلهما رضي الله عنهم أجمعين كثيرة، وإنما أوردناها لنتساءل عن العلة والسر في ذكر القوم للروايات الموضوعة في العداء الموهوم بينهما رضي الله عنهما، والتكتم عن ذكر الروايات السابقة وكلها من طرق القوم.



    روايات الصديق في فضائل أهل البيت رضي الله عنهم



    وعلى أي حال، نعود إلى ما كنا فيه من ذكر الصديق رضي الله عنه، ونورد هنا ما أورده القوم من طرقهم في بيان ذكر الصديق رضي الله عنه لفضائل علي رضي الله عنه، والحال هنا كالحال فيما مر من شأن ابنته رضي الله عنها.



    عن أبي بكر رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم يقول: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)).[212]



    فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه علي، فقلت لـه: يا أبه، أراك تكثر النظر إلى وجه علي؟ فقال: يا بنية، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة)).[213]



    وعن الشعبي قال: ((مر علي بن أبي طالب على أبي بكر ومعه أصحابه رضي الله عنهم، فسلم عليهم ومضى، فقال أبو بكر رضي الله عنه: من سرَّه أن ينظر إلى أول الناس في الإسلام سبقاً، وأقرب الناس برسول الله قرابة، فلينظر إلى علي بن أبي طالب)).[214]



    وعن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لما سمع صوت خرج من النخلة. قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((أتدرون ما قالت النخلة ؟ قال أبو بكر: قلنا: الله ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وآله وسلم: صاحت: هذا محمد رسول الله، ووصيه علي بن أبي طالب)).[215]



    وقال أبو بكر رضي الله عنه لعلي رضي الله عنه وكانا قد وقفا عند باب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيهما يطرق الباب: ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن عليا يجئ يوم القيامة ومعه أولاده وزوجته على مراكب من البدن فيقول أهل القيامة: أي نبي هذا ؟ فينادي مناد: هذا حبيب الله هذا علي ابن أبي طالب)).[216]



    وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لما جاء أبوبكر وعلي رضي الله عنهما لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته بستة أيام، قال علي لأبي بكر تقدم أي في الدخول إلى الحجرة التي فيها القبر الشريف. فقال أبو بكر: يا علي، ما كنت لأتقدم رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: علي مني كمنزلتي من ربي)).[217]



    وقال رضي الله عنه: ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله: من أراد أن ينظر إلى آدم وعلمه وإلى يوسف وحسنه، وإلى موسى وصلاته، وإلى عيسى وزهده، وإلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم خلقه فلينظر إلى علي)).[218]



    وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: ((ما أنا بالذي يتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:أعطيت خير النساء لخير الرجال)).[219]



    وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم: أن جبريل أتاني فقال لي يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك: أنا أحبك وأحب عليا)).[220]



    وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله يوم حنين وخيبر وقد أهدي إليه تمر ولبن: هذه هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب)).[221]



    وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم: بين قصري وقصر إبراهيم الخليل، قصر علي بن أبي طالب)).[222]



    وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يجيئ علي على مركب من مراكب الجنة، فينادى مناد: يا محمد كان لك في الدنيا والد حسن، وأخ حسن، أما الوالد الحسن فأبوك إبراهيم الخليل، وأما الأخ الحسن فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه)).[223]



    وعن قيس بن أبي حازم قال: التقى أبو بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فتبسم أبو بكر في وجه علي رضي الله عنهما. فقال علي رضي الله عنه له: ((مالك تبسمت ؟ قال رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز)).[224]



    وعن الحبشي بن جنادة قال: كنت جالسا عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقال: ((من كانت له عند رسول الله عدة، فليقم. فقام رجل فقال: إنه قد وعدني ثلاث حثيات من تمر. فقال أبو بكر رضي الله عنه: أرسلوا إلى علي رضي الله عنه، فجاء فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا أبا الحسن، إن هذا يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعده أن يحثي له ثلاث حثيات من تمر، فاحثها له، فحثاها. فقال أبو بكر رضي الله عنه: عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة لا تزيد واحدة على الأخرى. فقال أبو بكر رضي الله عنه: صدق الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الهجرة ونحن خارجون من الغار نريد المدينة -: يا أبا بكر، كفي وكف علي في العدل سواء. وورد أيضاً في العدد بدلا عن في العدل)).[225]



    وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: حدثني أبو بكر رضي الله عنه، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ((جئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين يديه تمر، فسلمت عليه، فرد علي وناولني من التمر ملء كفه، فعددته ثلاثا وسبعين تمرة. ثم مضيت من عنده إلى عند علي بن أبي طالب عليه السلام وبين يديه تمر، فسلمت عليه، فرد علي وضحك إلى وناولني من التمر ملء كفه، فعددته فإذا هو ثلاث وسبعون تمرة، فكثر تعجبي من ذلك. فرجعت إلى النبي فقلت: يا رسول الله، جئتك وبين يديك تمر، فناولتني ملء كفك، فعددته ثلاثا وسبعين تمرة، ثم مضيت إلى عند علي بن أبي طالب وبين يديه تمر، فناولني ملء كفه، فعددته ثلاثا وسبعين، فتعجبت من ذلك. فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا أبا هريرة، أما علمت أن يدي ويد علي في العدل سواء)).[226]



    وعن أبي الأسود الدؤلي قال: سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول: ((أيها الناس، عليكم بعلي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: علي خير من طلعت عليه الشمس وغربت بعدي)).[227]



    وعن أبي رافع، قال: كنت قاعدا بعد ما بايع الناس أبا بكر رضي الله عنه، فسمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول للعباس رضي الله عنه: ((أنشدك الله هل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم وجمعكم دون قريش، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا بني عبد المطلب، إنه لم يبعث الله نبيا إلا جعل له من أهله أخا ووزيرا ووصيا وخليفة في أهله، فمن منكم - يقوم و - يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي ؟ فلم يقم منكم أحد. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا بني عبد المطلب، كونوا في الإسلام رؤساء ولا تكونوا أذنابا، والله ليقومن قائمكم أو لتكونن في غيركم ثم لتندمن. فقام علي من بينكم، فبايعه على ما شرط له ودعا إليه، أتعلم هذا له من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال العباس: نعم)).[228]



    وعن أنس بن مالك قال: قال أبو بكر رضي الله عنه عند موته: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن على الصراط لعقبة لا يجوزها أحد إلا بجواز من علي بن أبي طالب)).[229]



    وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيم خيمة وهو متكئ عل قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فقال: يا معشر المسلمين، أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، وحرب لمن حاربهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد، طيب الولادة، ولا يبغضهم إلا شقي الجد، ردئ الولادة. فقال رجل لزيد - راوي الحديث -: يا زيد، أأنت سمعت هذا منه - أي من أبي بكر رضي الله عنه - ؟ قال زيد: أي ورب الكعبة)).[230]



    وعن أبي بكر رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: (0قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى. انه قال: ارقبوا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيته)).[231]



    وعن عثمان بن عفان، عن عمر بن الخطاب، عن أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم، قال: ((سمعت رسول الله يقول: إن الله تبارك وتعالى خلق من نور وجه علي بن أبي طالب ملائكة يسبحون ويقدسون ويكتبون ثواب ذلك لمحبيه ومحبي ولده)).[232]



    لا يفوتك أن تتدبر في سند الرواية هذه.



    ومثلها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: ((سمعت أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله تعالى خلق من نورٍ وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ألف ملك يسبحون ويقدسون ويكتبون ذلك لمحبيه ومحبي ولده)).[233]



    وعن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((علي عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).[234]



    وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن عن يمنى العرش كراسي من نور، عليها أقوام تلالا وجوههم نورا. فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا منهم يا نبي الله ؟ قال: أنت على خير. قال: فقال عمر: يا نبي الله أنا منهم ؟ فقال له مثل ذلك، ولكنهم [ كذا ] قوم تحابوا من أجلي، وهم هذا وشيعته. وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب)).[235]



    وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاؤا إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: ((صف لنا صاحبك. فقال: يا معشر اليهود لقد كنت معه في الغار كأصبعي هاتين، ولقد صعدت معه جبل حرا وخنصري في خنصره، ولكن الحديث عنه شديد وهذا علي بن أبي طالب. فأتوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقالوا: يا أبا الحسن صف لنا ابن عمك. فوصفه لهم صلى الله عليه وآله وسلم)).[236]



    وفي رواية: ((أن أبا بكر رضي الله عنه صلَّى العصر ثم خرج يمشي ومعه علي رضي الله عنه، فرأى الحسن رضي الله عنه يلعب بين الصبيان، فحمله أبو بكر رضي الله عنه على عاتقه، وقال: بأبي شبيه بالنبي ليس شبيهاً بعلي، وعلي رضي الله عنه يضحك)9.[237].



    ولما قَتل علي رضي الله عنه عمرو بن ود، قام أبو بكر رضي الله عنه وقبل رأسه. وفي رواية: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.[238]



    وعن أم جعفر: أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأسماء بنت عميس رضي الله عنها: ((إني أستقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها قالت يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة ؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوبا. فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله ! إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد علي. فلما توفيت، جاءت عائشة رضي الله عنها لتدخل، فقالت أسماء رضي الله عنها: لا تدخلي. فشكت إلى أبي بكر رضي الله عنه. فجاء، فوقف على الباب، فكلم أسماء. فقالت: هي أمرتني. قال: فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف)).[239]



    وكان أبو بكر رضى الله عنه كثيرا ما يعمل بما يشير به على رضى الله عنه عند بعث الجنود ولا يأذن له الخروج مع المجاهدين حرصا على بقائه معه للانتفاع برأيه ومشورته. كاستشارته عليا في غزوة الروم وبشارة علي عليه السلام إياه بالفتح. قال أبو بكر لعلي رضي الله عنهما: ((عند عزمه فتح الروم ماذا ترى يا أبا الحسن ؟ فقال: أرى أنك إن سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم نصرت عليهم إن شاء الله فقال: بشرك الله بخير ومن أين علمت ذلك ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يزال هذا الدين ظاهرا على كل من ناواه حتى يقوم الدين والله ظاهرون فقال: سبحان الله ما أحسن هذا الحديث لقد سررتني به سرك الله)).[240]



    ومنها رجوعه رضي الله عنه إلى رأى على رضي الله عنه في قتال أهل الردة. وقد شاوره في قتالهم بعد أن شاور الصحابة فاختلفوا عليه فقال له: (0ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال: أقول لك إن ترك شيئا مما أخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم فأنت على خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أما إن قلت ذلك لأقاتلنهم وان منعوني عقالا)).[241]



    ودوره وكذا دور صاحبيه رضي الله عنهم في قصة زواجه من الزهراء رضي الله عنها لا يخفى، فقد ذكرت الروايات عنه أنه قال: ((أتاني أبو بكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت لـه فاطمة. . الرواية)).[242]



    وروى القوم أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا ذات يومٍ جالسين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعهما سعد بن معاذ الأنصاري رضي الله عنه، فتذاكروا من فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: قد خطبها الأشراف من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إن أمرها إلى ربها إن شاء أن يزوجها زوجها، وإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يخطبها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يذكرها لـه، ولا أراه يمنعه من ذلك إلا قلة ذات اليد، وإنه ليقع في نفسي أن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما يحبسانها عليه، قال: ثم أقبل أبو بكر على عمر بن الخطاب وعلى سعد بن معاذ رضي الله عنهم، فقال: هل لكما في القيام إلى علي بن أبي طالب حتى نذكر لـه هذا، فإن منعه قلة ذات اليد واسيناه وأسعفناه؟ فقال لـه سعد بن معاذ: وفقك الله يا أبا بكر، فما زلت موفقاً، قوموا بنا على بركة الله ويمنه، قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: فخرجوا من المسجد والتمسوا علياً، فقال لـه أبو بكر رضي الله عنه: يا أبا الحسن، إنه لم يبق خصلة من خصال الخير إلا ولك فيها سابقة، وأنت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمكان الذي عرفت من القرابة والصحبة والسابقة، وقد خطب الأشراف من قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته فاطمة فردهم، وقال: إن أمرها إلى ربها، إن شاء أن يزوجها زوجها، فما يمنعك أن تذكرها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتخطبها منه، فإني أرجو أن يكون الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما يحبسانها عليك، قال: فتغرغرت عينا علي رضي الله عنه بالدموع، وقال: يا أبا بكر، لقد هيجت مني ساكناً، وأيقظتني لأمر كنت عنه غافلاً، والله إن فاطمة لموضع رغبة، وما مثلي قعد عن مثلها غير أنه يمنعني من ذلك قلة ذات اليد، فقال أبو بكر: لا تقل هذا يا أبا الحسن، فإن الدنيا وما فيها عند الله تعالى ورسوله كهباء منثور. . . الرواية)).[243]



    وقال رضي الله عنه ذاكراً لذلك: ((فخرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسرعاً وأنا لا أعقل فرحاً وسروراً، فاستقبلني أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فقالا: ما وراءك؟ فقلت: زوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته فاطمة، وأخبرني أن الله عز وجل زوجنيها من السماء، وهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خارج في أثري ليظهر ذلك بحضرة الناس، ففرحا بذلك فرحاً شديداً، ورجعا إلى المسجد)).[244]



    رغم أنهما رضي الله عنهما قد طلبا الزهراء رضي الله عنها من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم مراراً[245].



    وكذلك كان موقف عثمان رضي الله عنه في شأن هذه الزيجة، فعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يا أبا الحسن انطلق الآن فبع درعك وائتني بثمنه حتى أهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما. قال علي: فانطلقت فبعته بأربعمائة درهم سود هجرية، من عثمان بن عفان فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال: يا أبا الحسن ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني، فقلت: بلى، قال: فإن الدرع هدية مني إليك فأخذت الدرع والدراهم، وأقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فطرحت الدرع والدراهم بين يديه وأخبرته بما كان من أمر عثمان، فدعا له بخير. وقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبضة من الدراهم، ودعا بأبي بكر رضي الله عنه فدفعها إليه، وقال: يا أبا بكر اشتر بهذه الدراهم لابنتي ما يصلح لها في بيتها)).[246]



    وفضائل الصديق رضي الله عنه كثيرة، وحسبنا قول الأمير رضي الله عنه مراراً وتكراراً على منبر الكوفة: ((لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري)).[247]



    وقوله رضي الله عنه: ((خير هذه الأمة بعد نبيهما أبو بكر وعمر)).[248]



    كيف لا يقولها وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر)).[249]



    وكثيرا ما كان علي رضي الله عنه يمدحهما بعد وفاتهما رضي الله عنهما ويقول: ((إن الله سبحانه بعث محمداً، فأنقذ به من الضلالة، ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، فاستخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر عمر، فأحسنا السيرة وعدلا في الأمة، وقد وجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا ونحن آل رسول الله وأحق بالأمر، فغفرنا ذلك لهما)).[250]



    وفي موطن آخر قال رضي الله عنه: (0ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم صالحين أحييا السيرة ولم يعدوا السنة)).[251]



    وقال رضي الله عنه: ((فتولى أبو بكر تلك الأمور، وسدد وقارب واقتصد، وتولى عمر الأمر، فكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة)).[252]



    ويناسب المقام هنا أن نذكر أن هذا كان حال أصحاب علي رضي الله عنه أيضاً في مديحهم للشيخين رضي الله عنهما. فهذا مالك الأشتر، أعظم أصحاب أمير المؤمنين رضي الله عنه، يقول في حق الشيخين: ((أيها الناس ! إن الله تبارك وتعالى بعث فيكم رسوله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بشيرا ونذيرا، وأنزل عليه كتابا بين فيه الحلال والحرام والفرائض والسنن، ثم قبضه إليه وقد أدى ما كان عليه، ثم استخلف على الناس أبا بكر فسار بسيرته واستسن بسنته، واستخلف أبو بكر عمر فاستسن بمثل تلك السنة)).



    وفي موقف آخر قال: ((أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى أكرم هذه الأمة برسوله محمد صلى الله عليه وآله فجمع به كلمتها وأظهرها على الناس، فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث ثم قبضه الله عز وجل إلى رضوانه ومحل جنانه صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا. ثم ولي من بعده قوم صالحون عملوا بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وجزاهم بأحسن ما أسلفوا من الصالحات)).[253]



    عاد بنا الكلام إلى أقوال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في حق الشيخين رضي الله عنهما.



    وقال لأبي سفيان لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه[254].



    وهو رضي الله عنه يؤكد بهذا على مسألة الشورى في تولي الخلافة. وكتب القوم مليئة بهذا. منها إضافة إلى ما مر قوله لمعاوية: ((إن الناس تبع المهاجرين والأنصار وهم شهود للمسلمين في البلاد على ولاتهم وأمراء دينهم، فرضوا بي وبايعوني، ولست أستحل أن أدع ضرب معاوية يحكم على هذه الأمة ويركبهم ويشق عصاهم)).[255]



    فلما بلغ معاوية ذلك قال: ((ليس كما يقول، فما بال من هو هاهنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الأمر؟ فقال رضي الله عنه: ويْحَكُم! هذا للبدريين دون الصحابة، وليس في الأرض بدري إلا وقد بايعني وهو معي، أو قد أقام ورضي، فلا يغرنكم معاوية من أنفسكم ودينكم)).[256]



    ولما قيل له رضي الله عنه: ((ألا توصي ؟ قال: ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوصي، ولكن إن أراد الله بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم، وروى صعصعة بن صوحان أن ابن ملجم لعنه الله لما ضربه عليه السلام دخلنا إليه فقلنا يا أمير المؤمنين استخلف علينا قال: لا فإنا دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين ثقل، فقلنا يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استخلف علينا، فقال: لا إني أخاف أن تتفرقوا عنه كما تفرقت بنوا إسرائيل عن هارون، ولكن إن يعلم الله في قلوبكم خيرا اختار لكم)).[257].



    وعن جعفر الصادق عن أبيه رحمهما الله أن رجلا من قريش جاء إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال سمعتك تقول في الخطبة آنفا: ((اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين. فمن هم، قال: حبيباي وعماي أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم))[258].



    وكان من دلائل إقتدائه بهما رضي الله عنهم أجمعين أنه لما كلم في رد فدك فقال: ((ي لأستحي من الله أن أرد شيئا منع منه أبو بكر وأمضاه عمر.[259]



    بل وكان رضي الله عنه يحث غيرة للإقتداء بهما كما يروي القوم أنه قال لعثمان رضي الله عنه: ((وما ابن قحافة ولا ابن الخطاب بأولى لعمل الحق منك وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشيجة رحم منهما وقد نلت من صهره ما لم ينالا)).[260]



    فما كان له رضي الله عنه أن يدعوه إلى ذلك لو لا أنه رأى فيهما ما يستوجب الإقتداء بسيرتهما الحسنة وعملهما بالحق وإتباعهما لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.



    لم لا وهو القائل في خلافتهما رضي الله عنهم أجمعين: ((فلم أر بحمد الله إلا خيرا)) [261]. وهو يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإخباره له بما يلقى بعده، فسأله: ((فعلام أقاتلهم؟ قال: على الإحداث في الدين ومخالفة الأمر)). [262]



    فهل قاتلهم علي رضي الله عنهم أجمعين؟



    وكان كثيرا ما يؤكد تمسكهما بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فعن الضحاك بن مزاحم، عن علي رضي الله عنه قال: ((كان خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحبس شيئا لغد وكان أبو بكر رضي الله عنه يفعل)).[263]



    لذا تولاهما وبايعهما. وقد أقر بهذا علماء الشيعة. يقول آل كاشف الغطاء: ((وحين رأى أن الخليفتين، أعني الخليفة الأول والثاني -أي: أبو بكر وعمر- بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح ولم يستأثرا ولم يستبدا بايع وسالم)).[264]



    ومقولة آل كاشف الغطاء هذه تذكرني بأقوال أخرى في الباب. كقوله أيضاً بأن أخبار أئمة الشيعة النهي عن ذلك - أي سب الصحابة[265].



    وقول آخرين كقول الصدر: ((أن الصحابة، بوصفهم الطليعة المؤمنة والمستنيرة، كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء أمة رسالية، حتى أن تاريخ الإنسان لم يشهد جيلا عقائديا أروع وأنبل وأطهر من الجيل الذي أنشأه الرسول القائد)).[266]



    وقول محمد جواد مغنية الذي ينفي أن يكون لسب الخصوم السياسيين لأهل البيت صلة في التشيع[267].



    وقول الدكتور أحمد الوائلي: (( الذي يقطع بأن السب لم يظهر على لسان أحد من شيعة علي عليه السلام، لا في عهد علي عليه السلام ولا بعده في الجيل الأول من أجيال التابعين)).[268]



    نعود إلى ما كنا فيه.



    بل وكان عمله مستشارة لهما ووزيرا أحب إليه من إمرة المؤمنين، حيث كان كثيرا ما يردد: ((أنا لكم وزيرا خير لكم مني أمير)).ا[269]



    وكان يستمد شرعية حكمه عندما اضطربت عليه الأمور من طريقة بيعتهما رضي الله عنهم أجمعين، حيث كان يقول: ((إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسمَّوه إماماً كان ذلك لله رضاً فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين)).[270]



    وعلى أي حال فلأمر فيه طول ونكتفي بما ذكرنا. ولم يكن شأن أولاده وأحفاده مختلفا عنه رضي الله عنه في حبه ومودته وتعظيمه للصحابة وعلى رأسهم الشيخين رضي الله عنهم أجمعين.



    فهذا الصادق رحمه الله يفتخر ويقول: ((ولدني أبو بكر مرتين)).[271]



    وذلك أن أمه هي أم فروة بنت القاسم بنت أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم.[272]



    وكان رحمه الله يحث أصحابه على تولي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما قال لأم خالد: ((توليهما؟. فقالت: فأقول لربي إذا لقيته: إنك أمرتني بولايتهما، قال: نعم)).[273]



    وهذا أبوه الباقر رحمه الله لما سئل: ((أرأيت أبا بكر وعمر، هل ظلماكم من حقكم شيئا - أو قال: ذهبا من حقكم بشيء ؟ فقال: لا، والذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ما ظلمنا من حقنا مثقال حبه من خردل، قلت: جعلت فداك أفأتولاهما ؟ قال: نعم ويحك ! تولهما في الدنيا والآخرة، وما أصابك ففي عنقي، ثم قال: فعل الله بالمغيرة وبنان، فإنهما كذبا علينا أهل البيت)).[274]



    وكذا فعل عمه الإمام زيد بن علي رحمهما الله حيث رفض أن يتبرأ منها بل وسمى من لم يتولاهما بالرافضة. بل وقال: ((أعلم والله أن البراءة من الشيخين البراءة من علي)). وفي رواية: ((أقبل إليه نفر من أصحابه الذين كانوا قد بايعوه فقالوا له: إنا قد بايعناك وإنا نحن خارجون معك، ولكن ما تقول في هذين الرجلين الظالمين أبي بكر وعمر ؟ فقال زيد بن علي: مهلا لا تقولوا فيهما إلا خيرا، فإني لا أقول فيهما إلا خيرا، ولا سمعت من آبائي أحدا يقول فيهما إلا خيرا. فغضب القوم ثم قالوا: إن جعفر بن محمد هو أحق بهذا الأمر منك، ثم تركوه وصاروا إلى جعفر بن محمد بالمدينة، فدخلوا وسلموا عليه وقالوا: يا بن رسول الله ! إنا كنا بايعنا عمك زيد بن علي وهممنا بالخروج معه، ثم إنا سألناه عن أبي بكر وعمر فذكر أنه لا يقول فيهما إلا خيرا، قال: فقال جعفر بن محمد: وأنا لا أقول فيهما إلا خيرا، فاتقوا الله ربكم، وإن كنتم بايعتم عمي زيد بن علي ففوا له بالبيعة وقوموا بحقه، فإنه أحق بهذا الأمر من غيره ومني)).[275]



    وهذا الإمام الجواد رحمه الله يقول في معرض كلامه عن بعض المرويات في الفضائل: ((لست بمنكر فضائل عمر، ولكن أبا بكر أفضل من عمر)).[276]



    ونجتزئ بهذه الروايات في فضائل أبي بكر رضي الله عنه والذي سماه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالصديق، والذي يروي القوم أن عروة بن عبد الله سأل الباقر رحمه الله عن حلية السيوف؟ فقال: لا بأس به، قد حلَّى أبو بكر الصديق رضي الله عنه سيفه، فقال: فتقول الصديق؟ قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة، وقال: نعم الصديق، نعم الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل لـه: الصديق فلا صدق الله لـه قولاً في الدنيا ولا في الآخرة)).[277]



    وعلى ذكر حلية السيف، فقد ذكر القوم عن عبد الله بن الزبير الأسدي وكان في صحابة محمد بن عبد الله بن الحسن – النفس الزكية - قال: ((رأيت محمد بن عبد الله عليه سيف محلى يوم خرج، فقلت له: أتلبس سيفا محلى ؟ فقال أي بأس بذلك، قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبسون السيوف المحلاة)).[278]
    • :: العضويه الذهبيه ::

    توفيق القاضي

    • المستوى: 7
    تاريخ الإنضمام:
    ديسمبر 5, 2007
    عدد المشاركات:
    6,536
    عدد المعجبين:
    65
    الوظيفة:
    موضف بــ الجوالات
    مكان الإقامة:
    k_s_a
    موفق ياغالي ومشكور

انشر هذه الصفحة