جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

تتمة لموضوع الصدفي

موضوع في 'المواضيع المكررة' بواسطة اخت القمر, مارس 5, 2009.

    • :: الأعضاء ::

    اخت القمر

    • عضو جديد
    تاريخ الإنضمام:
    ديسمبر 14, 2008
    عدد المشاركات:
    504
    عدد المعجبين:
    8
    الوظيفة:
    استادة لغة اسبانية
    مكان الإقامة:
    المغرب
    ثم يبدأ انسُ بتساؤلاته البريئة: وين رايحين يا عمو؟!! أين السمكة الكبيرة التي صدناها؟! ثم تتصاعد حدّة الأسئلة مع افتقاد أبيه ومع الإرهاق والتعب فيسأل عن والده: أين أبي؟! لماذا لا أراه؟!! أريد والدي.. ثم يبكي.. ويدفعني بيديه وقدميه ليحرر نفسه من قبضة هذا الرجل الذي لم يألفه بعد...
    لم تكن تساؤلات أنس مجرد استفهامات عابرة لمن هو في مثل حالي.. لقد كانت كالنصال الحادّة التي تنهش في فؤادي وأنا أصارع الموت وأسير نحو المجهول المرعب، وكانت كالسياط المؤلمة التي تسلخ جلدي وأنا أشعر بتمام مسئوليتي عمّا حدث، وكانت كالكابوس المزعج الذي تتمنى أن تستيقظ منه لتجدك على مُتّكئ السلامة أو سرير الدّعة.. يا الله!! ما أصعب الموقف !! فأمامي مهمة تنوء بحملها الجبال الرواسي.. فهل أتمكن من قطع هذه المسافة الطويلة!! أم تعتريني فيها الأخطار المترصّدة!! إعياء منهك.. أو أسماك قرش تدور.. أو موج يهتاج!! أو عارض آخر.. ويلتفت قلبي إلى الخلف فيكاد يتقطّع على الشيخ.. ما حالُه!!.. يا ترى هل نلتقي أم أن تلك اللحظات كانت آخر سطر في دفتر ذكرياتي معه!!!
    وفي غمرة الأفكار المتلاحقة أيقنتُ أن لا منجى إلا بالاتكال على الله عز وجل وترك الأوهام، والخروج من هول الصدمة إلى العمل الجادّ، والسعي الحثيث في بذل الأسباب للوصول إلى الشاطئ البعيد في أسرع وقت ممكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والتبليغ للبحث عن الشيخ إن كتب الله له السلامة.. معتمداً على الله ثم على مهاراتي في السباحة الطويلة، وأدركت أن من حكمة الله تعالى أن أبتعد عن الشيخ لأباشر العمل في هذا الاتجاه..
    ابتدأت بتحديد أقرب المسارات إلى الشاطئ ، فالبحر الداجي يمتد خلفي في مداه السحيق.. وهناك الشاطئ المضيء تلوح لي فيه من بعيد سراب من عقود متلألئة لأنوار الطريق الساحلي لشاطئ نصف القمر، وأرى أمامي مَعلماً ممتدا في رأسه إنارة لم أستطع تحديد معالمه.. نصبت وجهي لذلك المعلم الممتد ..
    وابتدأت على بركة الله في السباحة الطويلة الشاقة.. لقد أرهق الطفل من ذلك الوضع المتعب.. وبدأ يعاني من القلق والخوف والوحشة .. فتارةً يغفو وتارةً يصحو فزعاً.. وتارةً يثير التساؤلات البريئة.. وكثيراً ما يبكي ويسأل عن أبيه.. وأنا أواصل السباحة الجادّة.. وأدعو الله عز وجلّ أن يمنّ علينا بالسلامة.. وأكرر دعاء يونس عليه السلام ودموعي تختلط بقطرات البحر الثائرة حولي: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين..
    وفجأة يصرخ أنس ويصيح.. أسأله ما بك؟!
    قال: سقطت حذائي.. أريدُ حذائي.. فقلت يا أنس نحن في مأساة وأدعو الله أن ينجينا مما نحن فيه من كرب، فقال: أريدُ حذائي!! قلت له: أما حذاؤك فقد سقط في البحر ولن نعثر عليه.. وسنشتري لك أفضل منه. فاستمر في البكاء.. فما كان منّي إلا أن خلعت الحذاء الآخر ورميته في البحر.. فسكت الطفل ولم أكلف نفسي معرفة ما إذا كان ذلك اقتناعاً أم خوفا !..
    وأدركت أن وقت صلاة العشاء قد حان منذ فترة وكان لزاماً علي أن أصلي وكيف لي أن أتأخر عن أداء الصلاة التي لم يُسمح للمسلم أن يتركها حتى في أحلك الظروف.. بل ما أحوجني للصلة مع الله في هذه الحالة التي أشهد فيها مظاهر ضعفي إلى قوة الله.. وقلة حيلتي إلى حوله وطوله.. وضيق حالي إلى سعة فضله ومنّه.. وعجزي إلى قدرته.. وخوفي إلى أمنه.. وشتات أمري إلى حفظه ورعايته..
    إن للحظات الضعف وحالات البلاء أحيانا جميل الفضل وعظيم الأثر في إيقاظ قلوبنا الغافلة وتزكية نفوسنا من غبار المعصية وران الغفلة.. تماماً مثلما تزكي النار الذهب من العوالق الرديئة.. إنها لحظات نفيسة تتبدّى فيها الدنيا على حقيقتها الزائفة وقد سقطت أقنعتها وخرجت من مساحيقها المضلّلة.. إنها لحظات نفيسة تبيّن لك كم كنت معرضاً عن الله.. وكم كنت مفرطاً في جنب الله.. وكم كنت تعمل للدنيا كأنك تخلد فيها.. وكم كنت تلهو عن الآخرة كأنك لن تبلغها..
    نويت الوضوء –كما علمني الشيخ- ومسحت ما أستطيع أن أمسح من مواضع الوضوء، ورفعت الأذان وأن أتذكر أني وإن كنت لوحدي نقطة ضائعة في هذا المدى المظلم فإن الله يسمعني.. والحيتان تسبّح من حولي.. وأجر المؤذن يبلغ ما بلغ أذانُه.. ثم أقمت الصلاة وصليت صلاة العشاء في وقت متأخر ولكني أظن أنها أخشع صلاة صليتها في حياتي.. إنها صلاة الخائف الذليل.. صلاة الضعيف الذي ينوء بأمانة عظيمة.. صلاة المضطر المكروب.. صلاة الغريب المستوحش.. صلاة المودّع الذي يوشك أن يغيب عن هذه الدنيا الفانية الرخيصة.. دنيا اللهو والغرور واللعب..
    وأستأنف سباحتي الشاقة والطفل ينام على كتفي الأيمن تارة وعلى الأيسر تارة أخرى.. ويدور أمامي شريط حياتي.. وأتذكر كم من ذنوب خلت.. وغفلات ألهت.. وإعراض صدّ.. لقد أدركت في ذلك الموقف الخطأ الفادح في موازين اهتماماتنا، وفي جهل نظرتنا لواجبات الدنيا وأعمال الآخرة.. لقد تحقق لي حينها بأننا مشدودون لهذه الدنيا، مرتهنون بجاذبيتها ومحسوساتها، بها نفكر.. وفيها نوالي ونعادي.. ولها نبني ونخطط.. مشدوهين عن الآخرة بحقائقها العظيمة ومنازلها الخالدة الأبديّة.. كم هي هذه الدنيا في الآخرة وزناً وزمناً ومنازلاً ؟!! ما مقدار مكثنا في كلٍ منهما؟!! هل تفكرنا في ميزان الله البيّن: ( وللآخرة خيرٌ لك من الأولى ) ؟!!!
    وتطوف بي أهم ذكرياتي ومراحل حياتي وحفظ الله لي.. وكان من بين ما برز أمام فكري قصة تعلّقي وأنا صغير على أحد الأسياخ الحديديّة لسور السطح المُشرف على الشارع من ارتفاع شاهق.. وقد بقيت معلّقا بطرف ثوبي موشكاً على السقوط الحُرّ المميت لفترة من الزمن لولا أن وفقني الله بعد قصة غرق الشيخ المنجد وابنه ( مع صاحب الشيخ)
    انها قصة مؤثرة ...جدا انصح اخواني بقرائتها فيها من العبر والعظات الشيء الكثير
    تذرف منها الدموع وتقشعر لها الابدان .....
    اترككم مع القصة مع القصة يرويها صاحبه الذي كان معه
    وهي ثابتة عنه ....ولمن اراد التوثق فليراجع موقع طريق الاسلام
    **يقول الراوي:
    قصة غرق الشيخ محمد صالح المنجد وفقه الله تعالى قصة مشهورة ، حدثت قبل سنوات ، وقد تكلم عنها بعض الأكارم بعد الحادث ، وكتب عنها من كتب ، وتناقلها الإخوة في مجالسهم واجتماعتهم .
    وقد سألتُ الشيخ محمد المنجد حفظه الله قبل سنتين تقريبا وكان معه ابنه أنس وقد قارب سن الـ(15) عن صحة هذه القصة ، فتبسم وقال : " نعم ، وهذا هو ابني الذي كان معي " .
    ولم أكن أعرف صاحب الشيخ المنجد الذي أبحر معه حتى اطلعت اليوم على موقع الكاتب الأستاذ / أبي لجين إبراهيم وهو كاتب معروف له جهوده المشكورة ، وقد كتب قصته مع الشيخ المنجد حفظهما الله ، فعرفت أنه هو .... والحمد لله على سلامة الجميع .
    فأنقل لكم القصة بنصها كما جاءت في موقع ابي لجين إبراهيم ( لجينيات ) :
    قال أبولجين إبراهيم :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    تحقيقاً لرغبة الكثير من الأخوة الأفاضل ، سأعود بكم إلى الوراء لأروي لكم قصة غرقي في البحر مع صاحبي أبي أنس وطفله الصغير الذي كان عمره لا يتجاوز ثلاث سنوات :
    سأروي لكم اليوم قصّتي في البحر.. إنّها قصّة مَنْ وقف على شُرفة الموت، وشمَّ رائحة النزع، وعانق مخالب الاحتضار، إنّها قصّة ليست قريبة العهد نسبيّا، ولكن أحداثها المرعبة وفصولها المثيرة لا تزال تتمثّل أمام ناظريّ فكأنها الحلم المُرعب أو الكابوس الثقيل.. كلما هممت أن أكتب عنها تهيأت لي صورة الموت فاغراً فاه.. مُشهراً أنيابه.. فداهمتني رجفة الموقف، وهيبة الحدث، فألْجمتْ قلمي وعصفتْ بذهني، وطفقت أمسح بكفيّ على وجهي وجسدي لأتحسس نبض الحياة.. ولتتوارد الأسئلةُ أمامي.. هل صحيحٌ ما حدث؟! هل أنا اليوم حيٌّ أُرزق؟! هل لا زالت أنفاسي تتردد وقلبي يخفق؟! فأين عبارات الحمد التي تفي بمشاعر الامتنان لله عزّ وجلّ؟!! وأين كلمات الشكر التي توازي فضل الرحيم الرحمن.. السلام المؤمن..

انشر هذه الصفحة