كيف نعيد الاعتبار للمواطن اليمني..!!

مقارنة جادة بين ماكان عليه أيام الحمدي وماصار إليه أيام صالح

كيف نعيد الاعتبار للمواطن اليمني..!!



عندما كان عمري 12 سنة تقريبا
سمعت قصة كانت متداولة كثيرا بين المغتربين اليمنيين في السعودية وهي أن مُشادة قوية وعراكاً بالأيدي "مِضرابة" حصلت في منطقة الطائف بين سعودي ويمني، وعندما جاءت الشرطة طلبت هويات الرجلين وكان حينها لافرق بين اليمني والسعودي خلافا لبقية الجنسيات العربية الأخرى، إذ كان اليمني يتمتع بحرية الإقامة دون كفيل "رحم الله ذاك الزمان".
وعندما عرف الشرطي أن احد
الشخصين يمني هزأه وتطاول عليه وعنّفه بشده ثم أخذ جوازه ورماه على الأرض، فما كان من اليمني إلا أن مدّ يده إلى "بريه" العسكري السعودي "الكوفية" ونزعه من على رأسه و"نتف" الرتبة العسكرية من على كتفه ثم أوسعه ضرباً، فتم اعتقاله وزج به في السجن بتهمة الاعتداء على رجل الشرطة أثناء أداء عمله..!!
الحكاية لم تنتهي فالفصل الأخير هو سبب نشوة اليمنيين الذين كانوا يتداولون القصة، إذ أن طيب الذكر الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي رحمه الله سمع بقصة الرجل وطلب تفاصيل الحادث، وعندما عرف انه قال في التحقيقات انه حافظ على هيبة النظام السعودي واسمه عندما خلع "بريه" العسكري ورتبه، وانه ضرب العسكري لشخصه لأنه أهان الجمهورية العربية اليمنية "آنذاك" بقذفه الجواز إلى الأرض، فما كان من الرئيس الحمدي إلا أن تدخل شخصيا وأرسل رسالة رسمية بهذا الخصوص وهذه الحيثيات، مطالباً بالإفراج الفوري عن المواطن اليمني وتأديب الشرطي السعودي بتهمة إهانة اليمن..!!.
وفعلا تم ذلك، وأعيد الاعتبار لهذا المواطن الذي حافظ على هيبة اليمن ومكانتها من أن يدوسها أو يُدنسها عسكري بليد لايرعى حقوق الجار ولا كرامة الأشخاص والدول.
والقصص كثيرة في هذا المجال لاسيما في عهد الراحل الحمدي رحمه الله الذي استقبل احد المواطنين القادمين من القاهرة بعد إفراج السلطات المصرية عنه بطلب رسمي من اليمن بعد ضربه احد أبناء الرؤساء العرب في مطار القاهرة بسبب انتقاص هذا الأخير من اليمن ورئيسها..!!
واليوم يعاني اليمنيين الأمرين في مختلف مطارات العالم، بل إن الجواز اليمني يُعتبر مُبرراً كافياً لأي شرطي "بليد" في بعض دول الخليج لعرقلة صاحبه والاستهزاء به والتحقيق معه عالفاضي والمليان كما يُقال، دون أن تحرك اليمن ساكناً، حتى وصل الحال بعرقلة مستشار رئيس الجمهورية في إحدى دول الخليج ولم يتوقف الحد عند المواطن العادي..
لماذا وصلنا إلى هذه الحالة؟، وماهي الإجراءات التي يُمكن أن تعملها الدولة والحكومة لإعادة الاعتبار للهوية اليمنية وجوازها "المسكين"..!!
سيظن الجميع أنني أتحامل على إخواننا وأشقاءنا في دول الخليج، وهذا غير صحيح لأنني ذكرت نماذج "سيئة" ولايُمكن أن تعمم تلك النماذج على كل الأشقاء في تلك الدول خصوصا وان هناك مثلا متداولا على مستوى الجزيرة العربية "اليمن والخليج" يقول "في كل بيت...." وقصر بلا "...." لايستطيع أن يسكنه احد، وهكذا.. لذلك أعتقد شخصيا أن قيمة اليمني هانت عند الغير عندما أهانتها حكومته، واليمني ذلّ خارج اليمن عندما هرب من الذُل داخله..!!
ذلٌ بسبب الفقر، والجوع، والجور، والظلم، والعنجهية التي يمارسها بعضنا ضد البعض الآخر، وعدم الإنصاف من قبل الجهات المعنية، وعدم الاحترام والتقدير إلا للبعض المنتسب إلى أسرة أو قبيلة أو محافظة بعينها..!!
هناك نظام معمول به في جميع دول العالم "باستثناء اليمن" وهو تقديم صاحب "البلد" على الوافد إليها أياً كان هذا الوافد وأياً كانت جنسيته أو بلده، سواءً كان ذلك في الحقوق أو الواجبات، فصاحب "البلد" يستلم مرتبات عالية، وهو مقدمٌ على الوافد في التوظيف، وأولاده ينعمون بالرعاية الصحية والتعليم المجاني الذي لايتمتع به الوافد وأسرته.
كما يستطيع "مواطن الدولة" في أي مكان في العالم ممارسة التجارة في بلاده أو شراء العقار أو الدخول في المناقصات أو ممارسة أي عمل مشروع يُدر عليه دخلا جيدا دون الخوف من الضرائب والجمارك والبلدية وعاقل الحارة وشيخ المنطقة ومافيا الأراضي وضباط الأمن وكبار المسؤولين وصغارهم، ومشائخ القبائل والوسطاء وأصحاب النفوذ.. و.. الخ..!!
في بلادي "السعيدة" الوافد يستلم بالدولار بما يوازي مرتب 6 "مواطنين" على الأقل، والمواطن ينظر إلى الوافد على انه من كبار الشخصيات (vip) والوافد يتعامل مع المواطن على انه "حشرة" أعزكم الله يُمكن أن يبتاع ويشتري فيه "بحق ابن هادي" بل ويُمكن أن يحبسه بقليل من المال كما قال احد الأشقاء العرب لأحد المواطنين اليمنيين صاحب تاكسي عندما طالبه بأجرته، فما كان من الوافد إلا أن طلب منه مرافقته إلى قسم الشرطة "واللي باعطيها لك باحبسك فيها"..!!
تجربتي الشخصية في الإمارات جعلتني أحس أن للمواطن "الإماراتي" قيمته.. له نظام خاص به، مكاتبه فخمه، ومرتباته عالية، وسيارته جديدة، ومنزله كبير، وتعامله وسلوكه مهذب لأنه اخذ حقوقه غير منقوصة لذلك لابد أن يكون راقيا في تعامله.
المواطن الإماراتي "كنموذج" عندما يخرج من بطن أمه يُضاف إلى مرتب والده 300 درهم، ترتفع إلى 1000 درهم عندما يدخل المدرسة، ثم تستمر في الارتفاع التدريجي، وعند تخرجه من الثانوية يعرف الجامعة التي تم تسجيله فيها عند معرفته نتيجة الثانوية، وبعد التخرج يعرف وظيفته ومكتبه ومرتبه "الذي يُساوي مرتب 3 وافدين على الأقل" عن طريق الانترنت، وإذا قال "يازواج" قدم له صندوق الزواج 70 ألف درهم "4 مليون ريال"، وبعدها "أوتوماتيكيا" يُدرج اسمه في صندوق زايد للإسكان وفي خلال سنة على الأكثر يعطى له سكن "فيلا".
ترى متى سنصل كيمنيين إلى ماوصل إليه أشقاءنا في الدول المجاورة..؟ أم أننا نصبر ولنا الجنة بغير حساب لأننا قد أخذنا نصيبنا من العذاب في الدنيا على يد زبانية العذاب في الحكومة والسلطة الذين سلطهم الله على رقابنا..
قال لي صاحبي عندما سردت له هذه المعلومات: لكنهم لايوجد لديهم ديمقراطية؟؟، تعجبت كثيرا، وأجبته: هل أغنتنا الديمقراطية عن العيش الكريم.. هل سدّت جوعنا وأمنت روعنا.. هل أنهت فقرنا وأزالت همنا.. إن الأمان مُقدمٌ على الإيمان، وإشباع البطون الجائعة مُقدمٌ على حشو العقول بالأفكار السياسية والندوات الثقافية والأسس الديمقراطية وحقوق الإنسان المنتهكة.
هل ألغت الديمقراطية عنا ضريبة أن تكون يمنيا لابد أن تكون ناحلا قصيرا ممصوصا تعاني من الأمراض المزمنة والأسقام القاتلة دون أن يحرك ذلك ساكناً لدى مسؤولينا لا رحمهم الله ولا برّد على عظامهم في قبورهم إلا من شاء..
إضاءة
إن الله سبحانه وتعالى عندما تعبّدنا وطلب منا أن نعبده لاشريك له، امتنّ علينا بشيئين لاثالث لهما "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"..!!

منقوول من ايلاف