جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

حسن باعوم أول من يرفع البندقية

موضوع في 'الاخبار العالمية' بواسطة ازال, اكتوبر 23, 2008.

    • :: العضويه الذهبيه ::

    ازال
    محمد صالح التاجر الخلاقي

    • المستوى: 4
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 17, 2007
    عدد المشاركات:
    1,648
    عدد المعجبين:
    17
    الوظيفة:
    طلب العلم من المهد الى اللحد
    مكان الإقامة:
    التراب
    الاسم الكامل:
    محمد صالح التاجر الخلاقي
    يوتوبيا الانفصال
    كان حسن باعوم من أشد المتحمسين الجنوبيين للوحدة مع الشمال، لكنه الآن أول من يرفع البندقية في وجهها

    الخميس 23 أكتوبر-تشرين الأول 2008 الساعة 12 صباحاً / محمد العلائي - مأرب برس، المصدر
    الانفصال أصعب مما يظنه أحدنا، لكن حسن باعوم لا ينوي المهادنة. ومن شبه المؤكد أن السبعيني الرازح تحت وطأة أمراض الشيخوخة، يشعر بالحاجة لنهاية مجيدة تليق برجل لطالما وضع صلابته في امتحان لا نهاية له. [IMG]
    الجمعة الماضية، احتلت البندقية، لأول مرة (بشكل منظم) منذ انطلاقة الحراك الجنوبي العام الفائت، مكان اللافتات والأعلام. حدث ذلك في مديرية سباح بمحافظة لحج. وكان باعوم هو الذي يقود بكهولته 3 آلاف مسلح، طبقا للتقدير الرسمي، و10 آلاف، بحسب تقدير النجل الأكبر لحسن باعوم.
    كان الهدف إقامة فعالية تحمل في طيها ما مؤداه: خيار العنف قادم. لم تتم الفعالية، لأن الأمن فرض حصاره على المكان، بيد أن الرسالة وصلت. اليوم التالي توجه الرجل بمليشياته الضخمة إلى رصد. وهناك فشل أيضا في تنظيم فعاليته.
    الواضح أن السلطات لم يرف لها جفن حيال تصعيد باعوم. فمحتوى الرسالة، التي حملها تحركه المسلح، بدا من الركاكة بحيث أنه لا يستحق حتى تبديد بضع قنابل من مسيلات الدموع.
    باعوم رجل صلب. لكنه يفتقر للجاذبية والسحر. ولا بد أن مجازفته الأخيرة تستحق القلق بشأنها. فعلى الرغم من ضآلة رصيده الشعبي، إلا أن قابلية الجنوبيين للعنف تتصاعد من يوم لآخر، بسبب التباطؤ الملحوظ في وضع مقاربة وطنية لطي ملف قضيتهم العادلة.
    غالبا، يحضر باعوم في الذاكرة الجنوبية في صورة سلبية. فهو المزاجي المتناقض حاد الطباع، وهو الانفعالي نافد الصبر، من نوع الرجال الذين يجد المرء صعوبة في التآلف معهم من أول وهلة. وحينما طالب بمنع اللقاء المشترك من المشاركة في الحراك الجنوبي، بدا وكأنه يستدعي السياسي العنيف الذي كانه في ستينات وسبعينات القرن المنصرم.
    في الواقع يدرك هذا الرجل، أكثر من أي شخص آخر، أهمية أن يموت بطلا. ففي منتصف رمضان، حين قررت السلطات إطلاق سراح كافة المعتقلين على ذمة الحراك الجنوبي، لاقت الأجهزة الأمنية صعوبة في الإفراج عنه تضاهي(والأصح تفوق) صعوبة اعتقاله. لقد رفض التوقيع على تعهد بعدم مخالفة "الدستور والقانون والمس بالوحدة الوطنية". والتوقيع على التعهدات إجراء روتيني تلجأ إليه الأنظمة القمعية، عادة، مع المعتقلين السياسيين، لحفظ ماء الوجه في أغلب الأحوال. أي أنه إجراء لا تترتب عليه التزامات فعلية.
    لم يكن من اللياقة أن يرفض. بيد أن أكثر ما يخشاه باعوم هو أنه سيفقد صلابته لو لم يرفض. إنه يفضل أن يموت على أن يرى نفسه متحولا إلى شخص هش وجبان ومتنازل. وبالفعل تأخر الإفراج عنه يومين.
    في خمسينات القرن الفائت، كان حسن باعوم شابا حالما مندفعا مفعما بالحماسة. آنئذ كانت الفكرة القومية في أوجها، عندما أخذ الفتى اليافع يتشربها بنهم. كان في صميمه وحدويا عنيدا.
    انخرط في صفوف الجبهة القومية. في تلك الحقبة كانت مسألة الوحدة مع الشمال تتصدر أولى أولوياتها. ولقد وقف المحارب الصغير والمغمور، حينها، في مواجهة القوى والتيارات التي كانت تنادي بإقامة كيان يحمل اسم الجنوب العربي.
    مذاك وحتى هذه اللحظة، هناك أشياء كثيرة وكثيرة تغيرت، من بينها باعوم. ليس من المستحيل تخيل باعوم متغيرا. كانت حرب 94 علامة فارقة بحياته: إنها النهاية الرمزية ليوتوبيا الوحدة التي تشبث بها طيلة 4 عقود. والحق أنها كانت نكسة حقيقية للحالم النزق، مثلما هي بالنسبة لجميع الجنوبيين.
    الآن، تراود باعوم بشدة الرغبة في الانفصال. تحولت الرغبة إلى حلم عزيز على قلبه، يستبسل كيما يتحقق ذات يوم. وتحول الحلم إلى يوتوبيا تستحق التضحية بكل غال ونفيس بما في ذلك أولاده فواز وفادي.
    في خضم كل هذا علينا أن نتساءل بحق: هل تلويح باعوم بالسلاح لا يعدو كونه فقاعة سرعان ما تنتهي، أم أنه بداية مرحلة جديدة من الحراك الجنوبي؟
    في شهر يوليو 2007، ظهرت فجأة، في أبين، حركة مسلحة صغيرة بقيادة العقيد متقاعد سعيد شحتور. وفي حين نفذت هذه الحركة عمليات عسكرية في المحفد، والعرم، ونقطة الجبر، فقد أطلق شحتور عليها اسم "ثورة الجنوب". وراح يتحدث عن احتلال الجنوب، والكفاح المسلح، وأشياء كثيرة أخرى من قبيل أن عبد ربه منصور هادي ليس أكثر من رهينة لدى نظام صنعاء لـ"تبرير الاحتلال ونهب الجنوب وإلغاء هويته بزيف الوحدة". حينئذ لم نأخذ خطابه على محمل الجد، رغم أنه أول من جهر بمطلب انفصالي صريح منذ حرب 94.
    في الوقت الذي اشتد فيه عود الحراك المطلبي السلمي، وتوسعت قاعدته الشعبية، اختفى شحتور. أين ذهب؟ لا نعرف. (اللافت أنه لم يكن ضمن قادة الحراك الذين طالتهم موجات الاعتقال نهاية 2007 وبداية 2008).
    كانت فقاعة. فما هو الحال بالنسبة لحركة باعوم؟ ولماذا اختار لحج ويافع منطلقا له؟ لا أحد يستطيع التخمين الآن. غير أن هواة التصنيف والمقارنات، الذين لديهم ميل حاد لوضع حركة الحوثي في مقابل حزب الله اللبناني، يمكن أن يأتي اليوم الذي يضعون فيه حركة حسن باعوم في مقابل حزب العمال الكردستاني، على سبيل المثال؟
    لم يكن الانفصال يوما الحلم الجدير بالمغامرات الدموية. بالعكس، فأعتى خصوم الوحدة الآن كانوا من أكثر الناس توقا لها. ثمة شيء ما تغير في هذا العالم.
    الحركات الانفصالية تزدهر في كل مكان. وبينما كانت كامنة إلى حد ما، فإنها بدأت، خلال العقدين الأخيرين، وبسبب عوامل كثيرة، تندفع إلى السطح بوتيرة منقطعة النظير. إنه نوع من يوتوبيا حديثة تجتاح العالم، مناقضة تماما ليوتوبيا التكتل والوحدة وفق أشكال متعددة: قوميات، وأمميات، وامبراطوريات كوزموبوليتية عملاقة، أفكار وفلسفات شاعت في أوائل ومنتصف القرن العشرين تحض على الوطنية والهويات الجامعة، والدولة الأمة، ودولة المواطنة، ودولة الخلافة.
    بالنسبة للأنظمة العربية يختلف الأمر بعض الشيء. فهي ما تزال تعتنق نزعة احتشام مصطنعة وفائقة الصرامة، تحول دون بروز أية طموحات انفصالية، وتباشر كتم أنفاسها إن برزت. لقد تعلمت الحشمة في المهد، من حسن حظها طبعا، واحتل الكتمان مستوى يوازي الوطنية إن لم يكن هو الوطنية نفسها.
    الاثنيات والطوائف داخل معظم البلدان العربية نار تحت الرماد. وتأخر ظهورها، على ذلك النحو الجنوني الذي نشاهده في تركيا والسودان، مثلا، لا يعني أن هذه البلدان أفلحت في صهرها واستيعابها ضمن مشروعها الوطني. فالصحيح هو أنها مكبوتة مخبأة بالإكراه والقسر، ريثما تأتي الفرصة المناسبة لتطفو إلى الأعلى.
    بسبب إخفاق مشاريع الدولة الوطنية، بتنا نشهد حقبة من التمزق جامحة وفتاكة. إن هستيريا الانفصال أخذت تعصف بتركيا والصين والهند والعراق وسيرلانكا وصربيا والسودان والمغرب وإيران... وغيرها.
    في اليمن لم تعد العاصفة جنوبية فقط. الخطر قادم من الجهات الأربع. وعلى حسن باعوم ألا يذهب به الوهم بعيدا، ليعتقد أن الجنوب سيكون، بالانفصال، هو الكيان نفسه الذي استقر في وعيه ذات مرة.

انشر هذه الصفحة