الاجـتهاد فـي الطلـب مع الإخـلاص فيه رابـعاً : الاجـتهاد فـي الطلـب مع الإخـلاص فيه : لقوله تعالى : {وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}(1). قلت (ابوعبيد): قوله : {جَاهَدُواْ}؛ دل على تحتم المجاهدة دون معالي الأمور ، فإنها لا تدرك براحة الجسم ، بل ببذل الجهد والكد في الطلب تكتسب ، قال تعالى عن موسى في طلبه الخضر رجاء أن يتعلم منه :{ لَقَدْ لَقِيْنَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً }(2). وهو الذي لو شاء الله أن يطلعه على الغيب لفعل ، ولكفاه عناء السفر. قال الشافعي رحمه اللَّه : بقـدر الكـد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي تروم العز ثم تنام ليلاً يخوض البحر من طلب اللآلي ومن رام العلا من غير كد أضاع العمر في طلب المحال وقوله :{فِيْنَا}؛ دل على تحري الإخلاص ، والنصح فـي المجاهدة ، فإذا اجتمع الإخلاص مع المجاهدة ؛ كانت الثمرة : {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}. ثم اعلم ؛ حاطـك اللَّـه أن الاجتهاد في الطلب يستدعي ويتطلب أمرين اثنين ، وسببين عظيمين هما : الصبر واليقين ، فلا مجاهدة لمن لا صبر ولا يقين له ، ومنزلة الصبر واليقين من المجاهدة ؛ كمنزلة الرأس من الجسد ، وكلما كمل الصبر ، وقوي اليقين ؛ كلما كانت المجاهدة أعظم. ــــــــــــــــ